لا تفزعوا ولا تراعوا فأنا لن أقوم بمناقشة أو تحليل هذه الإتفاقية المشؤومة سياسياً أو قانونياً أو عسكرياً فقد أشبعها النقاد والإعلاميين المختصين بل أماتوها تمحيصاً وتدقيقاً. أنا أريد فقط أن أتناول الجانب الأخلاقي فيها كإتفاقية ترتب عليها وينتج عنها واقع مرير يعيشه الملايين من أبناء شعبنا المرابط الصابر في أراضينا الفلسطينية المحتلة وفي أرض الشتات بل وربما يمتد ذلك التأثير إلى أبعد من ذلك بكثير. وقبل أن أبدأ أرى أن أذكركم أنني لست خبيراً مختصاً سياسياً أو قانونياً أو عسكرياً إنما أتناول القضية كمواطن عربي فلسطيني يحاول مثلكم تماماً استيضاح الصورة وإيضاحها لمن عميت عليه بعض الحقائق والمعلومات فعاش في الأوهام عمره.
في البداية أسأل سؤالاً أحاول أن ألبسه ثوب البراءة ألا وهو : كيف جاز لأولئك النفر أن يوقعوا على تلك الإتفاقية باسم جميع الشعب الفلسطيني في شتى البقاع والأصقاع؟!! وكيف يوافقون على بنودها التي لا تزيد القضية إلا سوءاً وتعقيداً؟! هل درست البنود من المستشارين الثقات كل في مجال اختصاصه؟!! وقبل كل هذا وذاك ماذا كان الهدف من توقيع تلك الإتفاقية ولمصلحة من؟!!!!
إن الإجابة على تلك الأسئلة وأشباهها يحتمل العديد من الوجوه لعل أشهرها هذان الوجهان اللذان لا يلتقيان عادة في نظم الحكم العربي ضمير السلطة وضمير الأمة. فما رأيكم أن نجري حواراً بين هذين الوجهين فإن تعذر لقاؤهما على أرض الواقع فلا أقل أن نجمعهما هنا على هذه الصفحة وجهاً لوجه بدون مذيع في برنامج الإتجاه المعاكس بعد الاستئذان من مذيعنا المحبوب فيصل القاسم الذي أرجو أن لا يشعر بالغيرة من سبقي الإعلامي هذا ومن الهدوء والإلتزام الذي سيحظى به هذا اللقاء على غير اللقاءات الصاخبة الجارحة التي تتميز بها لقاءات ممثلي السلطة ومن يعارضونهم.
ضمير الأمة: كيف تقومون بتوقيع تلك الإتفاقية المشؤومة التي تناقش قضايا مصيرية للأمة بدون قاعدة شعبية؟! ماهو المستند القانوني والأخلاقي الذي تستندون إليه في توقيعكم ذاك؟!!
ضمير السلطة: هذا سؤال لا يسأل ، نحن الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني ، وهذا يعطينا الحق كل الحق في النيابة عنهم في اتخاذ القرارات وتوقيع الإتفاقيات.
ضمير الأمة: وكيف أصبحتم الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني ولم يختاركم الشعب يوماً ممثلاً له لا في الداخل ولا في الخارج؟
ضمير السلطة: لقد تم أعتماد منظمة التحرير الفلسطينية ممثلاً شرعياً ووحيداً للشعب الفلسطيني حسب ما قرره القادة العرب في مؤتمر القمة عام 1974م.
ضمير الأمة: إذاً يمكنكم أن تمثلوهم وتتفاوضوا بالنيابة عنهم. الشعب الفلسطيني لم ينتخبكم بشكل ديموقراطي ولا غير ديموقراطي ، لقد تم فرضكم علينا فرضاً.
ضمير السلطة: هذا تغريد خارج السرب ، فجميع أبناء الشعب الفلسطيني يؤيدون منظمة التحرير الفلسطينية ممثلاً شرعياً ووحيداً وعلى رأسها السيد الرئيس القائد ياسر عرفات.
ضمير الأمة: هذا هو دأبكم في رفع الشعارات التي أوردتنا المهالك. على أي حال هل تعني أن منظمة التحرير هي التي وقعت على الإتفاقية؟!! أليست منظمة فتح هي من وقعت على ذلك في حين يرفض الآخرون ذلك؟
ضمير السلطة: فتح هي التيار الأكبر في منظمة التحرير وهي منظمة السيد الرئيس القائد ياسر عرفات الذي هو رئيس دولة فلسطين وهي المنظمة التي ناضلت وتناضل في سبيل قضيتها التي حملت همها على مدى الأعوام الماضية.
ضمير الأمة: نحن الشعب ونحن الوطن ، نحن من حملنا هم القضية وعبء ووزر الإحتلال سواء بالثبات في أرضنا أو بالتشرد في أصقاع الأرض. نحن الذين سكنا المخيمات وعانينا من أجل لقمة العيش حتى كادت تزهق أرواحناولم نعش عيش الملوك كغيرنا. لسنا نحن الذين أرهبنا بالسلاح والنار أهلنا وربعنا في الداخل والخارج أكثر مما أرهبنا العدو إنما نحن الذين أرهبنا العدو المحتل بالحجارة المقدسة ورفعنا بالإنتفاضة صوت قضيتنا عالياً. نحن لم نختر أحداً ينوب عنا أو يدافع عن قضيتنا ، إننا لم نختر إدارة ولا سلطة تذيقنا الويلات وتعذبنا فوق عذابنا. إنكم تدعون أنكم تمثلوننا ونحن نقول أمام كل العالم أن ذلك غير صحيح. إننا نسألكم من الذي أتى بكم إلى الداخل ولماذا حضرتم ؟!! ، ولماذا لم يحضروا منذ عشرات السنين؟!!