سوق النخاسة وشراء الذمم وقطعان الأغنام والأسعار البخس
إنه لمن المعروف قديما حالة شراء العبيد الذين هم تلقائيا خدم لأسيادهم على مر الزمان في مقابل الأكل والشرب ولا مناص ولافكاك من هذه العبودية والإنعتاق من هذه الحالة على الإطلاق ، إلى أن جاء الإسلام بتشريعاته الذي عمل على إنهاء حالة العبودية من المجتمعات عبر المكاتبة ما بين العبد وسيده وذلك بدفع ثمن نفسه لسيده ليعتق نفسه من ربقة العبودية ، وتلمس شمس الحرية ، وعبر إعتاق الرقاب التي فرضها الله سبحانه وتعالى على عباده الأحرار لإعتاق الرقاب وذلك للتكفير عن معاص أو ذنوب قد أقترفها ، أو عبرالتبرع بإعتاق رقبة رجاء التقرب إلى الله سبحانه وتعالى وفي سبيل طلب رضوانه في الدنيا والآخرة ، ومن هنا انطلقت هذه الحالة للقضاء على العبودية التي كانت سائدة في تلك الأزمنة ويعود الفضل بذلك كله إلى التشريعات السامية للإسلام العظيم .
أما أن تتخيل ذلك وترى العبيد العبيد الذين يشرون ويبيعون أنفسهم لقاء ثمن بخس في سوق النخاسة المتجدد ــ في عصرنا هذا عصر الحداثة والتقنية والثورة العلمية والأفق العلمي الواسع ــ كلما اقترب الإستحقاق الإنتخابي في لبنان هذا البلد الصغير بمساحته الواسع بطروحاته وتناقضاته ، فعلاً إنه لأمر عجب أن يقام في البلد هذا الصغير سوق تشرى به الذمم والضمائر ، ولكن الأعجب من ذلك أن يتسع هذا السوق بحيث لاتحده حدود عبرالأتيان بالعبيد الجدد من شتى أصقاع المعمورة وبكل السبل والوسائل التقنية الحديثة التي أنعم بها الله علينا في هذا الزمن العاثر ــ حيث سخرت هذه التقنية الحديثة للإتيان بجميع أغنام الشتات المبعثرة على مدى الكرة الأرضية ، الذين ما فتؤا يثوغون ويجترون ألفاظاً بلا معنى أو على الأقل لا تجد لها الصدى حتى في أنفسهم ــ وسخر في سبيل جمع هؤلاء الأغنام الضالة من بلاد الإغتراب كل ما دنيء ورخيص لشراء ذممهم وضمائرهم التي يتخلون عنها مع كل استحقاق انتخابي لقاء إرضاء اسيادهم الذين يبيعونهم قبل صدور نتيجة صناديق الإنتخاب وبعد إسقاط الورقة المطلوب إسقاطها في صندوق الإنتخاب ، عفواً صندوق شراء الذمم بثمن بخس وأبخس من الثمن الذي شروهم قبل الإنتخابات أليس ذلك الأمر من العجب العجاب !!!
فؤاد لبنان
في 22/5/2009م
الموافق لـ 27جمادى الأولى 1430هـ