السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحمـــــــــــــــد لله و الصلاة و السلام على رسول الله :
قـــــــــــــــــال الإمام ابن القيم _رحمه الله_ :
“ و أمّــــــــــا الصوم فناهيك بــــــــه من عبـــــــادة تكفّ النفس عن شهواتها و تخرجهـــــــــا عن شبه البهائم إلى شبه الملائكة المقرّ بين فــــــــإنّ النفس إذا خلّيت و دواعي شهواتهـــــــــــاالتحقت بعـــــــــــالم البهائم
فـــــــإذا كفّت شهواتهــــــــا لله، ضيّقت مجاري الشيطان وصارت قريبـــــــــة من الله بترك عادتهـــــــــا و شهواتها محبّة لـــــــــــه و إيثارا لمرضاته و تقر بــــــــــا
إليه فيدع الصــــــــــائم أحبّ الأشيــــــــاء إليـــــــه و أعظمها لصوقا بنفسه من الطعام و الشراب و الجماع من أجل ربّه فهو عبادة و لا تـتصور حقيقتهــــــــا إلا بترك الشهوة لله.
فالصائم يدع طعامه و شرابه وشهواته من أجل ربّه،و هذا معنى كون الصوم له تبارك و تعالى و بهذا فسّر النبي_صلى الله وعليه و آله و سلم_ هذه الإضافة في الحديث فقال يقول الله تعالى : (كلّ عمل ابن آدم يضاعف الحسنة بعشرة أمثالها، قال الله: إلاّ الصّوم فـــــــإنّه لي و أنا أجزي به يدع طعامه و شرابه من أجلي)
حتى أنّ الصّائم ليتصوّر بصورة من لا حاجة له في الدنيا إلاّ في تحصيل رضى الله و أيّ حسن يزيد علىحسن هذه العبادة التي تكسر الشهوة و تقمع النفس و تحي القلب وتفرحه
و تزهد في الدنيا و شهواتها و ترغّب فيما عند الله،
و تذكر الأغنياءبشأن المساكين
و أحوالهم و أنّهم قد أخذوا بنصيب من عيشهم فتعطف قلوبهم عليهم ويعلمون ما هم فيه من نعم الله فيزدادوا له شكرا”
وقــــــــــــــال الإمام ابن الجوزي _رحمه الله_:”شهر رمضـــــــــان ليس مثله في ســـــــــائر الشهور، ولا فضلت به أمــــــــــة غير هذهالأمــــــــــة في سائر الــــــــدهور،
الذنب فيـــــــــــه مغفور والسعي فيه مشكور،
والمؤمن فيه محبور والشيطـــــــــــــان مبعد مثبور،
والوزر والإثــــــــم فيه مهجور، وقلب المؤمن بذكر الله معمور.
وقد أناخ بفنائكم هو عن قليل راحل عنـكم، شاهد لكم أو عليكم، مؤذن بشقـــــــــاوة أو سعـــــــــادة أو نـقصــــــــان أو زيادة.
وهو ضعيف مسئول من عند رب لا يحـــــــــول ولا يزول يخبر عن المحروم منكم والمقبول.
فــــــــــالله الله أكرموا نهاره بتحقيق الصيــــــــام واقطعوا ليله بطول البكاء والقيام، فلعلكم أن تفوزوا بدار الخلد والسلام مع النظر إلى وجـــــــــــه ذي الجلال والإكرام ومرافقة النبي صلى الله عليه وسلم.’