بسم الله الرحمن الرحيم
وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد المبعوث رحمة للعالمين
أما بعد :
إن طرح هذا الموضوع فيه من الجرأة بمكان ولكن لا يعني ذلك أن نختبيء خلف إصبعنا أو أن نطمر رؤوسنا في الرمال معتقدين بذلك أننا بعيدين كل البعد عما يدور حولنا ، ولذلك يجب إعطاء الموضوع حقه في التعاطي بإيجابية وشفافية حيث أننا من ضمن هذا المجتمع بحلوه ومره سعادته وشقائه .
فإذا ما أردنا أن نبدأ في موضوعنا هذا يجب علينا أولاً أن نرى الأمور كما هي على أرض الواقع وحيث أن لهذا الموضوع تشعبات ومستويات فعندما نريد أن نناقش جريمة الشرف علينا بداية أن نعرف الواقع التي تحصل فيه مثل هكذا جرائم وملابساتها .
1 ــ جريمة الشرف تحصل بناء على اعتداء جنسي وقع من فرد على آخر وللتمييز بين المعتدي والمعتدى عليها سواء كان الأمر برضاها أو عنوة عنها أن الأمر كالتالي :ا قال تعالى : ( وليس الذكر كالأنثى ) سواء كان ذلك الإختلاف بيولوجي أو غير ه من حيث القوة الجسدية وما إلى هنالك من إختلاف بين الجنسين ، وحيث يترتب على هذا الإعتداء أموراً .
أ ــ أن المعتدى عليها سواء كان الإعتداء بالرضى أو عنوة ليست هي كما كانت قبل الإعتداء عليها هذا إن كانت عذراء هذا وإن تركت لنفسها قد تكرر الأمر وبذلك تكون سبباً في إفساد المجتمع أكثر مما هو فاسد قال تعالى : ( إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم في الدنيا والآخرة ) . سورة النور / الآية 19
لاحظوا الأمراض المستعصية كالإيدز والزهري والسفلس وإلى ما هنالك من أمراض تنتج عن فعل الفاحشة توعد بها الله أهل الفاحشة في الدنيا وهي عبارة عن عذاب مستعجل لهم في الدنيا قبل الآخرة / لاحظ الآية
ب ــ أن المعتدى عليها إن كان الأمر برضاها وهي متزوجة قد تحمل في أحشائها جنيناً فاقد النسب وهذا مما حرص الشرع الإسلامي على حماية المجتمع منه وبناءً عليه كان تحريم الزنى وحد على مرتكبها عقوبة نص عليها الشرع الإسلامي سواء للجنسين .
ج ــ جريمة الزنى هي نتيجة فعل بين اثنين والمرأة أو الفتاة لها الحظ الأوفر من التمهيد لهذا الجريمة حيث لا زنى دون زانية و إذا ما استطلعنا بداية الآيات في سورة النور نجد أنه بدأت بالترتيب الآتي قال تعالى ( الزانية والزاني ) وهذا الترتيب لم يأت عن عبث وحاش لله فهذا الترتيب جاء بهذا الشكل لكون أن المرأة هي المسببة الأولى لفعل الزنى ولو أنها ترفعت عن هذه الفعلة لما ترتب عليها شيء قط .
إن الأمر برمته هو من باب حفظ المجتمع والنسب وهذا أمر جليل .
فمن هنا كان استعظام الأمر وكان عليه ردات الفعل المتفاوتة .
أ ــ منها ما يرقى إلى درجة القتل وإزهاق النفس مداراة وحفظ لماء الوجه أمام المجتمع الذي يبقى يجتر لحم فاعلة الزنى حتى بعد دفنها تحت الثرى .
ب ــ ومنها ردات الفعل ما تكون غيرة وتديناً وهذا لا يعني أن القيام بفعل القتل في جريمة الزنى تخلفاً بل هي عين الصواب وهي ردة الفعل السليمة على هكذا جريمة .
ج ــ ومنها ردات الفعل ما تكون بمستوى الدياثة بمكان حيث الطبقة المخملية من المجتمعات تأخذ أمر جريمة الزنى على أنه رد فعل طبيعي لحالة حب أثمرت فعل ، ويكون الأمر وكأن شيئاً لم يكن ، وهذا عين الدياثة التي استحتقرها الشرع الإسلامي فاعلها .
وإليكم رد فعل الصحابي عندما سمع عن حالة زنى وما سيفعله لو حصلت مع زوجته : ( وفي رواية البخاري ومسلم من حديث المغيرة بن شعبة رضي الله عنه أن سعد بن عبادة رضي الله عنه قال :
(( لو رأيت رجلا مع امرأتي لضربته بالسيف غير مصفح ، فبلغ ذلك رسول الله r فقال: أتعجبون من غيرة سعد ؟ والله لأنا أغير منه والله أغير مني ، ومن أجل غيرة الله حرم الفواحش ما ظهر منها وما بطن ))
وهذا هو الرد الطبيعي على مثل هذه الجريمة الشنعاء أعاذنا الله وإياكم من أمثالها فإذا كان هذا هو رد فعل الصحابي وهو في زمن الوحي فهل نقول أن هذا فعل مجتمع متخلف حاشا وكلا .
هذا الأمر إذا كان ظاهراً للعيان ينتج عنه ما قد ذكرنا
أما أن يكون الأمر خفياً فهذا الأمر بين فاعل الفعل وبين ربه إن شاء عذب وإن شاء عفى فإذا ما صرح به كان لابد من أن يلقى جزاؤه الشرعي وفقاً للنصوص سواءً في ذلك الذكر والأنثى .
فؤاد سعد
البقاع الأوسط