اسرار
رقم العضويه : 31 عدد المساهمات : 192 تاريخ التسجيل : 20/04/2010
| موضوع: كي يتفرق دمه بين القبائل! الأحد مايو 16, 2010 12:11 pm | |
| على ما يبدو أنَّ صدر الغرب قد ضاق ذرعًا بالمسلمين المقيمين ببلاده وبين ظهرانيه، ولم يعد فيه متسعٌ لاحتوائهم، وكفرتْ تلك الدول بكلِّ الشعارات التي رفعتها لردحٍ من الزمن؛ فالمساواة وحقوق الإنسان، والتسامح وحرية التعبير، وحرية الأديان وغيرها من الشعارات الجوفاء - قد غدتْ أحاديث؛ فالسياسة المتبعة في كثيرٍ من بلدان أوروبا وأمريكا في السنوات الأخيرة هي التضييق على المسلمين وتهميشهم، ومطالبتهم بالانصهار في بوتقة المجتمعات الغربيَّة، والضغط عليهم؛ لترك كثيرٍ من تعاليم دينهم، والانسلاخ من قِيَمِه التي يزعمون أنها لا تتناسب مع هذه المجتمعات المتحضرة! وعلى الرغم من أنَّ المسلمين الذين عاشوا عشرات السنين في تلك البلدان؛ سواء الذين جاؤوا إليها كمهاجرين، أو من أهل البلد الذين اعتنقوا الإسلام عن اقتناع، ومساهمتهم في بناء المدنيَّة الغربيَّة مساهمة فَعَّالة، وتفوق عدد كبير منهم في كثيرٍ من مجالات البحث العِلمي المختلفة، والتعايش السلمي الذي أبداه هؤلاء في هذه المجتمعات، إلا أن الحكومات الغربية لا تزال تنظر إليهم بعين الريبة. بيد أنَّ الأمر قد تغيَّر في الآونة الأخيرة؛ فعلى ما أعتقد أن مرحلة الصبر والتسامح عند القوم مع المسلمين قد ولَّت بعدما طفحت كأس البغض عندهم، وأصبحوا يعلنون بصراحة: أنه يجب وقف المدِّ الإسلامي في أوروبا. إن الإسلام دين ربَّاني خالد، جعله الله لهداية البشرية، ولن يتأثر بالمكايد والمؤامرات، ولا بالتهديد والهجمات؛ إذ تعهَّد الله بحفظه وإظهاره على الدين كلِّه، وقد أعلن ذلك صراحة في كتابه الكريم في أكثر من موضع، وهذا سرُّ صموده وقوته، وما أشبهَ الليلةَ بالبارحة! فلا غرو أن نرى هذه الأيام اجتماع قوى الشرِّ، وتكالبهم واتفاقهم على محاربته على جميع الأصعدة؛ بغية تعطيله وإرباك أتباعه ودُعاته، فالهجوم الشرس الذي يتعرَّض له الإسلام على نطاق واسع، وعلى جبهات متعددة في الدول الغربيَّة - يتشابه مع السياسة التي اتَّبعها أعداءُ هذا الدين في بدايته للقضاء عليه، والتنكيل بدُعاته حسدًا من عند أنفسهم؛ ﴿ وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ ﴾ [البروج: 8]. لقد دأب كثيرٌ من قادة الدول الغربيَّة في السنوات الأخيرة على انتقاد الإسلام، ووصف أهله بالتخلُّف والوحشيَّة والبربريَّة في تحدٍّ سافرٍ لمشاعر المسلمين، بعدما علموا أنه لا توجد دولة تدافع عنه، ولا قوة تحميه؛ فالمسلمون في وادٍ وزعماؤهم في وادٍ آخرَ، وأصبحت وسائل إعلامهم تنقل لنا بين الفينة والأخرى تصريحَ زعيم دولة من هنا ينتقد الإسلام، وزعيم حزب من هناك يشتمه، وزعيم ديني ينعق بالبغض والكراهية دون استنكار أو تنديد من قِبَل الدول الإسلاميَّة، فالإعلام العربي مشغولٌ بالمقابلات مع نجوم "ستار أكاديمي"، و"زي النجوم"، ونجمات الغَواية، وصاحبات الوجوه الملطخة بالماكياج؛ من راقصين وراقصات. إن التاريخ يعيد نفسه؛ إذ نرى هؤلاء القوم يسيرون على النهج نفسه الذي سار عليه أسلافهم في الكُفر، ويستخدمون الوسائل نفسها؛ لتعطيل الدعوة، وقدوتهم في ذلك أهل "قريش" التي اجتمع أكابر مجرميها في "دار الندوة"، واتفقوا على قتل رسول الله - محمد صلى الله عليه وسلم - بانتخاب رجلٍ من كلِّ قبيلةٍ يقومون بضربه بسيوفهم ضربة رجل واحدٍ؛ ليقضوا عليه، فيتفرَّق دمُه بين القبائل. إنه لم يكن من قبيل الصدفة أن تنالَ الصُّحف الدنمركية من الرسول الكريم - عليه أفضل صلاة وأزكى تسليم - بإطلاق العنان لسفيه من سفهائها بأن يصوره بصور كاريكاتورية غير لائقة، وليس من قبيل الصدفة أن تتضامن الصحف النرويجيَّة والسويديَّة، وغيرها من الصحف الأوروبيَّة، وتعيد نشر تلك الصور السخيفة في تحدٍّ سافر لمشاعر المسلمين الذين أعربوا عن غضبهم وامتعاضهم من تلك الرسوم المسيئة، وليس من قَبيل الصدفة أن يصفَ البابا - وهو أكبر شخصية دينيَّة تمثِّل النصارى في العالم - محمدًا - صلى الله عليه وسلم - بأنه نشر دعوته بالسيف والقهر، وأنه جاء بالشرِّ. كما أنه ليس من قبيل الصدفة أن يشنَّ رئيس وزراء إيطاليا "برلسكوني" هجومًا حادًّا على الإسلام، ولا من قبيل الصدفة أن يقومَ رئيس حزب عنصري في بريطانيا بتسيير المظاهرات تلو المظاهرات؛ للمطالبة بوقف بناء وفتح المساجد، وبالهجوم على الإسلام ووصفه بأوصاف نابية في برنامج نقلته قناة الـ bbc المرئيَّة في بلاد تتغنَّى بتعدد الأديان، وتعدُّد الثقافات! ولا من قبيل الصدفة أن تُمنع المآذن في سويسرا بلد التسامح والحياد! ولا من قبيل الصدفة أن تُمنع المسلمات من ارتداء الحجاب في المدارس في فرنسا، وهي بصدد دراسة مشروع منع النقاب فيها، وأظنُّ أنه سَيُمَرَّرُ المشروع، ويصبح قانونًا، فقلَّما يُرْفَض مشروع ضد الإسلام في برلمانات الدول الغربيَّة؛ ففرنسا عريقة في عدائها للإسلام، خصوصًا بعد أن أقدم البرلمان البلجيكي بالتصويت على منع النقاب ومعاقبة كلِّ مَن ترتديه، وليس من قبيل الصدفة أن يقومَ أحدُ سفهاء هولندا المتطرِّفين بإنتاج فيلم "فتنة" يتهجَّم فيه على الإسلام. أما سياسة الولايات المتحدة في تعاملها مع الإسلام والمسلمين، فحدِّثْ ولا حرج؛ إذ هي أشد بطشًا، وأعظم قسوة وفتكًا؛ فهي لم تكتفِ بإطلاق حرب صليبيَّة جديدة، كما جاء على لسان رئيسها السابق بحُجَّة الحرب على الإرهاب "الإسلام" بعد أحداث 11 سبتمبر، بل راحت تحتل دولاً إسلاميَّة بأكملها بحُججٍ واهية، وقامت بتدمير المساجد فوق رؤوس المصلِّين بصواريخها الذكيَّة الموجهة في أفغانستان والعراق، وهدمتِ البيوت فوق رؤوس النساء والأطفال، وأهدرت كرامة المعتقلين المسلمين في سجن "أبو غريب"، وجوانتنامو، في سابقة خطيرة بتطبيقها قانونَ الغاب على هؤلاء المساكين، الذين لا ذنب لهم إلا أنهم يقولون: ربُّنا الله، وداست بأحذيتها العسكريَّة على جميع القوانين الدوليَّة، وضربت بكل المعاهدات والمواثيق عُرْض الحائط بدافع الحِقد. كما أطلقتْ "لإسرائيل" العنان بالقيام بحرب شعواء قذرة على أهل فلسطين المحتلَّة، وكان آخرها الحرب على "غَزَّة"، بعدما ضمنت لها الولايات المتحدة الأمريكيَّة عدم تدخُّل الدول العربيَّة المجاورة في المعركة، بل ألزمت بعضها بضرب حصار على غزَّة ريثما تنتهي من مهمتها النبيلة! المتمثِّلة في تخليص أهل غزَّة من البؤس والشقاء، وقِلَّة القوت والدواء بالقتل الجماعي بالقنابل الفسفوريَّة، والأسلحة المحرَّمة دوليًّا، وإطلاق رصاصة الرحمة على أهلها! ولكن شاء الله أن ترجعَ خائبة مدحورة، تجرجر أذيال الهزيمة مع قتلى وجرحى جيشها الذي لا يُقهر، وإلى الله المشتكى! وأمام هذا الهجوم الشرس، وأمام مكر أساطين الشرِّ بالإسلام وأهله ليلاً نهارًا، إعلانًا وإسرارًا، تقهقرَ كثيرٌ من الدُّعاة إلى الله، وحَمَلَة هذا الدين الذي لا يقبل الله غيره؛ ﴿ إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ ﴾ [آل عمران: 19]، فترك بعضهم مواقعهم، وتركوا الدعوة جملة وتفصيلاً، وحُجَّتهم أنه اتسع الخرق على الراقع، ولم يعد ثَمَّة جَدْوى من الدعوة، ومنهم من أدخلَ تحسينات على أسلوبه وخطابه بما يتماشى مع العصر؛ كي يُقبلَ ولا يُتَّهم بالإرهاب، وقَبِلَ أنْصَافَ الحلول، وأصبحنا نرى بعضهم يتردَّد على القنوات المشبوهة، وقد تحوَّلوا من دُعاة إلى الله إلى أبطال قنواتٍ يزاحمون النجوم، وحُجَّة بعضهم أنهم يريدون أن يوصلوا كلمة الحق إلى "المساطيل"! كما انهزم روحيًّا مَن كان على شَفا حفرة منهم، وكان متربصًا برجحان الكِفَّة إلى جانبٍ ليكون فيه، وانقلب بعضهم على عقبيه؛ كما قال الله - تعالى - واصفًا أهل العلم عندما يركنون للدنيا، ويفضلونها على الآخرة: ﴿ وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آَتَيْنَاهُ آَيَاتِنَا فَانْسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ ﴾ [الأعراف: 175]، وراحوا ينعقون بما لا يسمعون، ويتقعرون لخطبة ودِّ الأعداء ويداهنونهم؛ ﴿ وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ ﴾ [القلم: 9]. وقامت القنوات المشبوهة - والتي للأسف محسوبة على أهم دولة إسلاميَّة - بتقديم الرويبضة، وبعض المرتزقة على أنهم مفكِّرون وعلماء ودُعاة إلى الله. وطفق بعض المحسوبين على الدعوة للتكلُّم في المتشابه، وسبر أغوار التاريخ الإسلامي، و"تنكيش" كُتب الفقه؛ لإخراج القضايا الفقهيَّة المسكوت عنها أو المختلَف فيها، وإثارتها؛ ليقنع نفسه أنه لا يزال على الجادة، ولا يعلم المسكين أنه شغل نفسه وشغل أُمَّته بمعاركَ جانبية لا طائل من ورائها، وتحول إلى متنطِّع، والله وحدَه يعلم النيَّات ويحاسب عليها. ولا ننكرُ أنه انبرى رجالٌ شُرَفاء، وعلماء أكفاء من أهل الحقِّ أخذوا على عاتقهم الأمانة التي حمَّلهم الله إيَّاها، وهم على الثغور ينافحون عن الإسلام، ويقارعون أهلَ الباطل مع قِلَّة ذات اليد وقلة النصير، وتَربُّص الأعداء بهم، وهم الفئة المنصورة بإذن الله. إن تعجبْ، فعجبٌ لهذه الأمة التي أصبحت قصعة تكالبت عليها الأَكَلَة، وصدق فيها الصادق الأمين عندما وصف هذا الزمان وحال الأُمَّة فيه بأنها ستتحول إلى غُثَاء كغثاء السيل، فعلى الرغم من أنني لا أقرُّ بتقسيمات "سايكس بيكو"، ولا أومنُ بالكيانات المستحدثة، وتفتيت الأمة إلى دويلات هزيلة ولُقَيْمات سائغة؛ ليتسنى لهم بلعها، إلا أنني أقول والحالة هذه: أكثر من خمسين دولة إسلامية مهمَّشة، لا صوت لها ولا وجود، لا في المحافل الدوليَّة ولا غيرها، ولا وزن لها ولا قِيمة، وأغلب القرارات الدولية تُتخذ دون اعتبار لها. إن المسلم أصبح مهدورَ الكرامة في بلاده، فقد عوَّده حكامُه على المهانة والذُّل، وطأطأة الرأس؛ حتى وصل الأمر ببعض معتقلي "جوانتنامو" أنهم رفضوا الرجوع إلى بلدانهم العربيَّة مفضلين البقاء تحت وطأة عذاب الأمريكيين على عذاب إخوانهم وأبناء عمومتهم لهم، ولسان حالهم يردِّدُ: وَظُلْمُ ذَوِي الْقُرْبَى أَشَدُّ مَضَاضَةً
عَلَى النَّفْسِ مِنْ وَقْعِ الْحُسَامِ الْمُهَنَّدِ |
أظنُّ أنه من فضلة القول أن نطالبَ الآخرين بالتعامل مَعَنا باحترامٍ، طالما لا نحترم أنفسنا، ومن لم يكرم نفسه لم يكرَم؛ فالمسلم أضحى لا بواكي له هذه الأيام، وهو أقل كرامة من القطط والكلاب والحيوانات في بعض البلاد الغربيَّة والعربيَّة؛ لأن الحيوانات غدتْ لها جمعيات تطالب بحقوقها، وتحاكم من يتجرَّأ على انتهاكها، أما المسلم فلا جمعيات تطالب بحقِّه، ولا زعامات تحترمه، ولا حكومات تسمع له أو تعطيه حقَّه، فوا حسرتاه على أُمَّة أضحى غاية طموح شبابها فيها مغادرتها، والهجرة منها؛ لتنظيف شوارع أوروبا! إن الإسلام دين الكرامة والعدل، واسألوا القِبْطي الذي أخذ له عُمر بن الخطاب حقَّه من عمرو بن العاص وابنه، وهو دين المحبَّة والتسامح، جاء لإسعاد البشرية، وإخراجها من الظُّلمات والتيه، وهو يدعو إلى التعايش على أساس الاحترام المتبادل بين الشعوب والأُمم، فلا إكراه في الدين، وقد جعل الله فيه قوة ذاتيَّة ينتشر من خلالها، ولهذا السبب نرى كثيرًا من أفراد المجتمعات الغربيَّة مُقْبِلين عليه رغم ضَعف حَمَلَته؛ إذ أصبح ينتشر بصورة لافتة للنظر بين الطبقات المثقَّفة في تلك المجتمعات، وهذا ما جعل القادة الغربيين يشتطون غيظًا، ويعملون على وقف انتشاره، وأصبحوا يدقون ناقوس الخطر، ويعلنون في وسائل إعلامهم أنَّ عددَ المسلمين في أوروبا يتزايد بسرعة مُخيفة، وأنه ربَّما سيتعدَّى النصف في العقود القريبة القادمة؛ لتخويف الناس من البعبع الإسلامي القادم! وفي هذا الخضم، وفي الوقت الذي يتعرَّض فيه الإسلام إلى هجوم شرسٍ على جميع الأصعدة، ويهان فيه المسلمون في كثيرٍ من بلاد العالم، ويتجرَّأ كثيرٌ من أعداء الدين الحاقدين على مقدَّسات الإسلام، لم نسمعْ مِن زعيمٍ عربي "نأمة" ولا صوتًا خفيفًا، ولا همسًا ضعيفًا، ولم يرتفع صوت حكومة من الحكومات؛ سواء التي تدَّعي أنها إسلاميَّة أو قوميَّة أو علمانيَّة تدين الطريقة العدوانيَّة تجاه الإسلام، وتشجب الأسلوب المزدوج التي يُعامل بها رعاياها في البلدان الغربيَّة مندِّدة أو مستنكرة! ليتهم تعلموا العِزَّة والكرامة من المعتصم الذي سيَّر جيشًا حين استغاثت به امرأة مسلمة، وكم من مسلمة تُهان في بلاد الغرب وتغرم؛ لأنها تريد أن تسترَ نفسها، وتغطِّي وجهها عن الشواذ، الذين ربطوا حياتهم بجسد المرأة! والملصقات التي تملأ شوارع الدول الأوروبيَّة بصور النساء اللاتي يعرضْنَ أجسادهنَّ؛ لتسويق المنتجات خيرُ دليلٍ على ذلك، أو ليتهم تعلَّموا الشجاعة من الخليفة عمر بن عبدالعزيز - رحمه الله - الذي بعث برسالة تهديد - لا تنديد - إلى ملك الروم عندما تناهى إلى مسامعه أن أحدَ المسلمين أُعتقل في بلاده، فحواها: إذا لم تطلقْ سراحه حال وصول كتابي هذا، سأرسل لك جيشًا أوله عندك وآخره عندي. فامتثل ملك الروم، وأطلقَ سراحه على الفور ذليلاً ترتعد فرائصه من الفرق. | |
|
انكسار قلب مشرفة ومراقبة الاقسام الادبيه
رقم العضويه : 46 عدد المساهمات : 1136 تاريخ التسجيل : 18/05/2010 العمر : 36
| موضوع: رد: كي يتفرق دمه بين القبائل! الجمعة مايو 21, 2010 7:03 pm | |
| | |
|