ملكنا هذه الدنيا قرونا
و أخضعها جدود خالدونا
و سطرنا صحائف من ضياء
فما نسي الزمان ولا نسينا
حملناها سيوفا لامعات
غداة الروع تأبى أن تلينا
إذا خرجت من الأغماد يوما
رأيت الهول و الفتح المبينا
و كنا حين يرمينا أناس
نؤدبهم أباة قادرينا
و كنا حين يأخذنا ولي
بطغيان ندوس له الجبينا
تفيض قلوبنا بالهدي بأسا
فما نغضي عن الظلم الجفونا
و ما فتيء الزمان يدور حتى
مضى بالمجد قوم آخرونا
و أصبح لايرى في الركب قومي
وقد عاشوا أئمته سنينا
و آلمني و آلم كل حر
سؤال الدهر أين المسلمونا
ترى هل يرجع الماضي فإني
أذوب لذلك الماضي حنينا
بنينا حقبة في الأرض ملكا
يدعمه شباب طامحونا
شباب ذللوا سبل المعالي
و ما عرفوا سوى الإسلام دينا
تعهدهم فأنبتهم نباتا
كريما طاب في الدنيا غصونا
هم وردوا الحياض مباركات
فسالت عندهم ماء معينا
إذا شهدوا الوغى كانوا كماة
يدكون المعاقل و الحصونا
و إن جن المساء فلا تراهم
من الإشفاق إلا ساجدينا
شباب لم تحطمه الليالي
و لم يسلم إلى الخصم العرينا
و لم تشهدهم الأقداح يوما
و قد ملؤا نواديهم مجونا
و ما عرفوا الأغاني مائعات
و لكن العلا صيغت لحونا
و قد دانوا بأعضمهم نضالا
و علما لا بأجرئهم عيونا
فيتحدون أخلاقا عِذابا
و ياتلفون مجتمعا رزينا
فما عرف الخلاعة في بنات
وما عرف التخنث في بنينا
و لم يتشدقوا بقشور علم
و لم يتقلبوا في الملحدينا
و لم يتبجحوا في كل أمر
خطير كي يقال مثقفونا
كذلك أخرج الإسلام قومي
شبابا مخلصا حرا أمينا
و علمه الكرامة كيف تبنى
فيأبى أن يقيد أو يهونا
دعوني من أمان كاذبات
فلم أجد المنى إلا ظنونا
و هاتوا لي من الإيمان نورا
وقووا بين جنبي اليقينا
أمد يدي فأنتزع الرواسي
و أبن المجد مؤتلقا مكينا